الخميس، 25 مايو 2017

المتصوفة بين الحب والمرأة والخمر

الصوفية
كانت مشكلة الصوفيين الأساسية هي حملهم الكثير من المشاعر الملتهبة في محراب الحب الإلهي وعجز اللغة البشرية عن حمل هذه المعاني القوية الرقيقة التي تذرف لها العيون، فحاولوا أن يجدوا قدر الإمكان نوعاً من الشعر يحكي خفايا أنفسهم ويخفي حقيقة هذه المحبة عمّن لا يفهمها، ومن كل أغراض الشعر العربي اختار المتصوفون "الغزل" ليكون راعياً لكلامهم باعتباره أكثر الأغراض الشعرية رقّةً وتبياناً لخلّجات النفس البشرية في أطهر الحاجات "الحب"، ولأن المرأة هي الأيقونة التي تدور كل أحاديث الغزل حولها، فقد كان من الطبيعي أن تلبس لبوس الرمزية في أبيات المتصوفة.
وبما أن الصوفية تتضمن فيما تتضمن حالاتٍ يتنقل فيها العاشق من مرتبةٍ إلى مرتبة لينتهي بعد ذلك بالفناء في الذات الإلهية، فإن هذا الفناء كان بمثابة "السُّكر" عند البشر العاديين، إذ كان الوصول إلى هذه المرتبة يُغيِّبُ الصوفيّ عما حوله فيذهل عن الدنيا وما فيها، ومن هنا كانت نشوة الحب الإلهي ولذّة عشق الذات الإلهية تتمثّل في شعر المتصوفة بالخمر... خمرة الحبّ الإلهي.
وهكذا أصبحت المرأة والخمرة أيقونتان في أبيات شيوخ التصوف أمثال ابن عربي، ابن الفارض، الحلاج، السهروردي وغيرهم ممن كرّس نفسه لله، وأصبحت هذه الرموز تحمل بعض ما يحسُّ به الصوفي ويعجز عن التعبير عنه، وقد اختار الصوفيون أسماء محبوبات شعراء العرب المعروفين ليحملّوهم دلالات حبهم الإلهي فكانت المرأة في شعر المتصوفة تظهر في ليلى وهند وسلمى ولبنى.
لماذا اختار المتصوفة المرأة رمزاً؟
يرجع هذا الاشتقاقُ الرمزيُّ في المفهوم الصوفيِّ، إلى كَوْنِ كلِّ مظاهر الحسنِ في الوجود، إنما هي تجلياتٌ للجمال الإلهي الذاتي، فتلك المحبوبات العربيات لا يتعدَّين كونهنَّ إشارةً حسِّية باهتةً للجمال الأزلي، هذا الجمال الذي اشتركْن فيه بحسنِهنَّ، وتواضعهنَّ عنه بتعالي جمال الذات عنهنَّ علوّاً كبيراً.
إلا أنَّ هذه الرموز ليست بحالٍ من الأحوال مسوِّغاً للوقوف عند هذه المظاهر والوجود المستحسنة، وإنما هي محضُ تلويحاتٍ يوهم بها الصوفيُّ العامَّةَ بأنَّ محبوبه إنسانيٌّ، صوناً لسرِّ محبته من الشيوعِ في غير أهله، وإشفاقاً على السامعين من أهل السلامة أن يفتتنوا بصريح أقواله، وعلى الحقيقة، فليس للصوفي توقف ولا كلام، إلا في محبة المولى عز وجل.
كما ويجعل الصوفية من الموتِ عنواناً، فيكثرون في شعرهم من ذكر موتِ المحبِّين عشقاً، قاصدين الموت في مفهومه الصوفيِّ -(إماتة تعلقات النفس).
ولاقتراب الطائفتين (الصوفية - العذريون) في هذا الموضوع، فقد أُعجب الصوفيةُ دوماً بالعذريِّين من الشعراء، وتمثلوا في شرح أحوالهم بأبيات الشعر العذريِّ التي تفيض رقةً وتذوب حبّاً، خاصةً أن الشعر العذريَّ تندر فيه الصور الحسية الفجّة، التي تندر أيضاً في شعر الصوفية.
ولتبيان هذا الرمز في أبيات الصوفية نعرض من أقوال "الشيخ الأكبر" محي الدين بن عربي:
بين الحشا والعيونِ النُّجلِ حرْبُ هَوًى
والقلبُ من أجلِ ذاكَ الحرْبِ في حَرَبِ
لمياءُ لعساءُ معسولٌ مقبِّلها
شهادةُ النّحلِ ما يَلقَى منَ الضَّرَبِ
رَيّا المُخلخَلِ، ديجورٌ على قَمَرٍ
في خدِّها شفقٌ، غصنٌ على كُثُبِ
حسناءُ حاليةٌ ليستْ بغانيةٍ
تفتَّرُ عنْ برَدٍ ظلمٍ وعن شنبِ
تَصُدّ جِدّاً، وتلهو بالهَوى لَعِباً
والموتُ ما بينَ ذاكَ الجدِّ واللَّعبِ
(لعساء: شفاهها داكنة الحمرة، ديجور: ظلام الليل الحالك)
ولاختيار الخمرة سبب آخر
بالانتقال إلى الخمرة الصوفية، فإنما ذكر الخمرة في الشعر الصوفي كان من قبيل عجز كلمات لغتنا العادية عن حمل نشوة الغياب في الذات الإلهية، وهي رمز على المحبّة الإلهية بوصفها أزلية قديمة، منزّهة عن العلل المجرّدة عن حدود الزمان والمكان، وهذه التي بواسطتها ظهرت الأشياء، وتجلّت الحقائق وأشرقت الأكوان، وهي الخمرة الأزلية الّتي شربته الأرواح المجرّدة فانتشتْ وأخذها السكر واستخفّها الطرب قبل أن يُخلق العالم.
ولما كانت الخمر رمزاً على المحبّة الإلهيّة بحسب ما يقتضيه بناء لهذا الشعر، اقتضى ذلك أن تنحلّ المفردات الأخرى المرتبطة بهذه الخمرة، كالكرم، والبدر، والهلال، والشمس، والنّجم، والشّذا، فالبدر من حيث إنّه كأس هذه المدامة إنّما هو رمز الإنسان الكامل بوصفه أفقاً لتجلّي المحبّة ومظهراً للمقام الأعلى.
ومن غير سلطان العاشقين نستشهد بكلامه دليلاً على ما تقدمنا بذكره، فابن الفارض يعدّ أفضل من وصف الخمرة الصوفية:
شَربنا عَلى ذكر الحبيبِ مُدامةً
سَكِرنا بها، مِن قبل أن يُخلَقَ الكَرْمُ
‎لَها البَدرُ كأسٌ، وهي شمسٌ، يُديرها
هلالٌ، وكم يبدو إذا مُزِجتْ نَجْمُ
‎ولولا شَذاها ما اهتديتُ لِحانِها،
ولولا سناها ما تصوّرها الوَهْمُ
‎ولَمْ يُبقِ منها الدهرُ غيرَ حُشاشةٍ،
كأنّ خفاها، في صدور النُّهى، كَتْمُ
ويحكي أوصافها في أبيات أخرى فيذكر أثرها في النفس ويروي أحوالها وما يصيب الصوفية من نشوة:
يقولون لي: "صِفها، فأنت بوصفها
خبيرٌ" أَجَلْ!! عندي بأوصافها علمُ
‎صفاءٌ ولا ماء، ولطفٌ ولا هوا،
ونورٌ ولا نارٌ، وروحٌ ولا جسمُ
‎تقدَّمَ كلَّ الكائناتِ حديثُها،
قديماً، ولا شكل هناك، ولا رسمُ
‎وقامت بها الأشياءُ ثَمَّ لحكمةٍ،
بها احتجبت عن كلّ مَن لا له فهمُ
‎وهامتْ بها روحي، بحيث تمازجا،
اتحاداً، ولا جِرمٌ تخلّلهُ جِرمُ
‎فخمرٌ ولا كرمٌ، وآدمُ لي أب
وكرمٌ ولا خمرٌ، ولي أمُّها أمُّ
ختاماً، نجد أن المرأة والخمرة هما رمزان تمحور الشعر الصوفي حولهما، على اختلاف الورود والذكر، إلا أن شيوخ الصوفية والعاشقين لم يغفلوا عن الإشارة لهذين الرمزين في الأشعار، ومما يجب ملاحظته بشكلٍ دقيق هو تجرّد هذين الرمزين من معنييهما، فالمرأة لم يبقَ منها إلا شعور المحب تجاه وجودها كمحبوبة، والحقيقة أنها في الأصل قد ذَكرت لتكون عاملاً يساعد على توضيح حقيقة الشعور الذي يعتلج في قلب الصوفيّ.
أما الخمرة فهي في شعر الصوفية لم يبقَ منها إلا اسمها، فيما أصبحت دلالتها شيئاً آخر، حيث اكتست ثوب العشق الإلهي والوصول إلى أعلى درجاته لتعكس فقط ما يصيب العاشق حال بلوغه هذه المرتبة الجليّة، ومع ذلك فإن الصوفية ومع استعارتهم لرمزية المرأة والخمرة في الأشعار لقصر اللغة عن حمل معانيهم، بقوا عاجزين عن رسم حقيقة محبتهم وسموّها لعامة الناس بلغة تعبّر حقاً عما يعيشونه.

قصة حسنة ملص

كثيراً ما تردد اسمها مرادفاً للدناءة والخسة والعهر والفجور فما هي قصة (حسنة ملص) ...........
 لم تأت شهرتها من كونها من أعتق بغايا ومحلة الصابونجية او الكوكنزر او الكلجية او الميدان فقط ..ولم تدخل التاريخ لكونها اشهر عاهره مبتذله وقواده .. ولا لكون الشاعر الراحل الشهيد رحيم العراقي اسبغ عليها لقب الدكتورة حسنه ملص في قصيدته الشهيرة ...بل اشتهرت بعد ان ارتبط اسمها بقصة سياسية غاية في الطرافة ...........
فبغداد بعد ثورة 14 تموز انقسم سكانها الى معسكرين سياسيين غريبين في الالفه و
التوجه أسوة بباقي مدن العراق الأول القوى الشعبيه والديمقراطية والماركسية الملتفه حول الزعيم عبدالكريم قاسم والثاني معسكر يضم القوى القومية والبعثية والاسلامية والذي يلتف حول الرئيس جمال عبدالناصر . والمعسكران كان الفرق بينهما فكري سياسي لاعلاقة للطائفة به فترى في كل معسكر مختلف انواع النسيج الاجتماعي ...وصلت العلاقات السياسية بين العراق والجمهورية العربية المتحدة انذاك الى مرحلة من التأزم وتبادل الشتائم عبر أجهزة الاذاعات والصحف. وكان سفيرالعراق في القاهرة فائق السامرائي قوميا , فتمرد على حكومة عبد الكريم قاسم ورفض العودة الى العراق وطلب حق اللجوء السياسي في القاهرة وشكل تجمعا سياسيا بأسم "التجمع القومي" . ووضعت بتصرفه اذاعة صوت العرب والتي كانت تسّب وتشتم نظام الحكم في العراق .........
 وكان صوت مديرها أحمد سعيد ينتشر في الآفاق مجلجلا لنشر اخبار ونشاطات وبعض الامور الخارقة عن جمال عبد الناصر وكان يعتبره فلتة زمانه..
 وبنفس الوقت كان يشنع ويذم عبد الكريم قاسم حتى قيل أن ناظم الطبقجلي اشتكي لزوجته التي كانت تزوره في السجن، وطلب منها ان توصل رسالة إلى جمال عبدالناصر تترجاه أن يخفف أحمد سعيد في صوت العرب من شتم عبد الكريم قاسم باسم الدفاع عن ناظم الطبقجلي والذي اعدم عام 1959 .
 فما كان من المعسكر المناصر لعبدالكريم قاسم الا وارسل خبرا الى المذيع الاشهر في أذاعة صوت العرب المصرية أحمد سعيد . مفاده ان الشيوعيين قد القوا القبض على السيدة الفاضلة العروبية المجاهدة "حسنه ملص" وراحوا ينكلون بها وبشرفها . وكذلك تم القاء القبض على المناضل المجاهد عباس بيزه " عباس بيزه هذا من اشهر قوادي المنطقة ايضا "فما كان من الاذاعي الكبير صاحب الصوت المجلجل احمد سعيد الا وان راح يطلق تعليقات صارخة بدون ان يتأكد من الموضوع عبر الاذاعة الاشهر في تاريخ اذاعات العرب وقتذاك , يندد فيها بحكومة الزعيم وبالشيوعيين وهو يردد بالنص:
"اذا ماتت حسنه ملص فكلنا حسنه ملص" .
كلنا حسنه ملص .... كلنا عباس بيزه ... من المحيط الى الخليج ..
 فما كان من السامرائي الا ان يستشيط غضبا من "المقلب" الذي وقع فيه الاذاعي الكبير احمد سعيد.واصبحت هذه الاذاعة مثارا للسخرية من قبل العراقيين ..وطلب السامرائي من احمد سعيد ان يعرض عليه لاحقا اي خبر او معلومة تصله من بغداد . طبعا بعد ان احاطه علما بحقيقة المناضله "حسنه ملص" والمجاهد " عباس بيزه " ........